2019 كان الأضخم في الإنفاق العسكري.. فهل يصلح ذلك في زمن كورونا؟

  • 3 مايو 2020

في العام الماضي، وقبل أن ينكشف للعيان ظهور فيروس كورونا، وصل الإنفاق العسكري العالمي إلى أعلى مستوياته منذ نهاية الحرب الباردة في عام 1989، ما يثير تساؤلاً مفاده: هل سيستمر العالم بزيادة إنفاقه العسكري في وقت ظهر فيه الآن عدو خفي لا يحتاج إلى الأسلحة المتعارف عليها لمواجهته، إنما يحتاج إلى تعزيز الإنفاق على العلم والبحث والتطوير؟
أظهر التقرير الأخير الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) أن الإنفاق العسكري ارتفع في العام الماضي بنسبة 3.6% عن عام 2018، حيث وصل في عام 2019 إلى 1.917 مليار دولار في العالم، فحلت الولايات المتحدة في المقدمة بزيادة عن العام الذي سبقه بـ 5.3% عام 2019 إلى 732 مليار دولار، أي 38% من الإنفاق العالمي. كما زادت الصين إنفاقها بنحو 5.1%، وبقيمة بلغت 261 مليار دولار، فيما بلغ إنفاق الهند العسكري 71,1 مليار دولار وبزيادة نسبتها 6.8%.
إن التنافس العسكري بين الدول، وبحسب المعهد، بلغ مداه بين الصين والولايات المتحدة، خلال السنوات الـ25 الماضية، وذلك سعياً من الصين إلى التحول إلى قوة عسكرية عظمى. والهند هي الأخرى، زادت من إنفاقها العسكري في تنافس مع باكستان والصين، قائلاً المعهد إن الصراعات الدفاعية لا تزال محكومة ببيئة أمنية دولية غير مستقرّة، نتيجة للعديد من العوامل، أبرزها: نهاية المعاهدة النووية للصواريخ المتوسطة المدى نتيجة الخروقات الروسية وإصرار إدارة ترامب على انتهاء صلاحية هذا الاتفاق الثنائي.
بخصوص منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قال تقرير (سيبري) إن كلّاً من مصر، وقطر، وعمان، والمملكة العربية السعودية، تعمل على «إعادة تجهيز مكوّنات أساطيل طائراتها الدفاعية»، وإن نشاط إيران العدواني في مضيق هرمز ومناطق أخرى، دفع الولايات المتحدة إلى محاولة بناء تحالف دولي يسمى «التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية»، إضافة إلى تشغيل دول كثيرة في المنطقة؛ أبرزها مصر والمملكة العربية السعودية، «لأساطيل تضمّ مزيجاً من المركبات المدرّعة والطائرات».
التقرير الذي خلص إلى أن التفوق في الإنفاق العسكري كان من نصيب الولايات المتحدة، ثم الصين، ثم السعودية، ثم روسيا، ينبه إلى الأولويات التي يجب أن تلتفت إليها الدول في إنفاقها للعام الجاري، في ظل تفشي وباء كورونا وتداعياته على القطاعات كافة، إذ تتطلب المرحلة الآن اعتماد استراتيجيات لا ترتبط بالقوة العسكرية فقط، إنما بتعزيز القدرات التنموية للدول. وفي هذا السياق، ترى آراء عدّة أن تعزيز الحكومات لإنفاقها العسكري في ظل تفشي كورونا يعني تجاهلاً للأخطار الحقيقية والملحة، حيث ينبغي النظر إلى مفهوم الأمن الوطني الآن من خلال إعادة تقييم ما يعنيه الأمن، وبدلاً من إنفاق الأموال على سباق التسلح، فمن الأجدر توجيهها نحو مشاريع تطوير البنى التحتية، واعتماد خطط تمويل واضحة بشأن استكمال المشاريع، وليس تأجيلها أو إلغاءها، وبدلاً من هدر الموارد الضخمة على التسلُّح، فإنه من الممكن توجيهها لمواجهة الفقر وتدني مستوى الخدمات، بما يحقق التنمية الشاملة والمستدامة للشعوب، ويدفع عملية تنويع الاقتصاد من خلال توسيع قاعدته وبنيته الإنتاجية، وتعزيز الإنفاق على مجالات تطوير النظام التعليمي وتحسين الرعاية الصحية وتطوير القدرات والكفاءات العلمية وتنمية المهارات، بدلاً من تدمير رأس المال البشري في الحروب والنزاعات.
وفي حين تبدو نسب الإنفاق في معظم الدول العربية متدنية على كل من قطاعي الصحة والتعليم مقارنة بالإنفاق العسكري، فإن الفرصة الآن تكمن في تنمية الموارد البشرية وإيجاد رأس مال بشري مؤهل لقيادة عملية التنمية المستدامة، حيث أشار تقرير التنمية البشرية لعام 2019 إلى أن مجموعة من هذه الدول يواجه مواطنوها شعوراً عميقاً بالإحباط إزاء تفاقم الفجوة في مستويات معيشتهم الأساسية، وانحدار أعداد غير مسبوقة منهم نحو براثن الفقر والجوع والمرض، الأمر الذي يستدعي ضرورة توزيع الثروات الوطنية والإنفاق على مجموعة من الاعتبارات الخاصة بتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتبني سياسات مرتبطة بتحديات العصر، حتى يتم الوصول إلى مؤشرات تنمية بشرية مرتفعة تبعاً لمؤشرات العمر المتوقع ودخل الفرد من الناتج المحلي ومعدلات التعليم والمعرفة بالتقنيات الحديثة والبحث العلمي.

.

الفعاليات المقبلة

إصدارات