هذه الظاهرة السرطانية.. كيف نقاومها؟
- 27 أكتوبر 2002
وإذا كان الثابت أن "الدروس الخصوصية" تستهدف الربح التجاري في المقام الأول وتدفع باتجاه تحويل المنظومة التعليمية إلى سلعة تباع وتشترى، لتقضي بذلك على ما تبقى من دور حيوي للمؤسسات التعليمية في تربية النشء، فضلاً عن كونها تكرس ثقافة الحفظ والتلقين بدلاً من غرس قيم البحث وتطبيق النظريات التعليمية الحديثة القائمة على اكتشاف القدرات الفردية الحقيقية للطالب بما يكفل حسن توظيفها وتوجيهها كي تصب بنهاية الأمر في سلة بناء مجتمع المعرفة الذي ننشده جميعاً.
ولعل ما يضاعف من خطورة أن تطل علينا "الدروس الخصوصية" بوجهها القبيح، أنها تنذر باستنساخ تجارب دول عربية أخرى مع هذه الظاهرة التي تستنزف موارد الأسر والاقتصادات الوطنية وتوجهها لمصلحة فئة قليلة من المستفيدين من تفشي هذه الظاهرة، وإذا كان انتشار هذه "الدروس الخصوصية" في بعض الدول قد ارتبط بظروف اقتصادية معينة، فإن تنامي هذه الظاهرة واستنساخها في مجتمعنا لا يبدو مبرراً على الإطلاق، وخصوصاً ونحن نبغي تعظيم مردودنا الاستراتيجي من ثورة المعلومات بما تحمله من فرص وتحديات للدول في القرن الحادي والعشرين.
إن دولة الإمارات بموقعها المرموق على خارطة المعلوماتية إقليمياً ودولياً جدير بها أن تنأى عن ظواهر سلبية في التعليم مثل "الدروس الخصوصية" وغير ذلك، ولا سيما أن دخول الإمارات عالم "السيليكون فالي" يؤهلها عملياً أيضاً لاستشراف ما يعرف بالثورة الثانية في مجال تكنولوجيا المعلومات. إذا كانت مخرجات التعليم الجيدة هي أساس أي تقدم وتطور تنموي حقيقي، فإن الأمر يستوجب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنقية النظام التعليمي من جميع العلل الجوهرية والعوامل المسببة لتراجعه أو على الأقل دورانه داخل دائرة مفرغة، فالتعليم الحديث يحتاج إلى بيئة علمية مثالية تغذي التفكير الفردي المستقل والإبداع بحيث يصبح التعليم بيئة تطور الفكر الإنساني وتحوله إلى نشاط يومي دائم لا مجرد آلية لقولبة العقل واعتماد الحفظ والتلقين لإعادة فرز النماذج الثقافية والمعرفية القائمة.