مرحلة مفصلية في إدارة العلاقات الدولية
- 28 أكتوبر 2002
ويجمع فريق من الخبراء على أن الجدل الدولي الدائر حول الملف العراقي مرهون بحدود مسؤولية القوى الكبرى عن قرارات من شأنها التأثير في مصير العالم، ولذا يرى البعض أن تشبث أطراف معينة بموقفها تجاه مشروع القرار الأمريكي لا يعكس طموحاً استراتيجياً للتأثير في هيكلية النظام الدولي بقدر ما يعبر عن نوع من الرغبة في "إبراء الذمة" حيال تأثيرات هذه المسألة دولياً وإقليميا، فيما يرى آخرون أن المسألة لا تتصل مباشرة بمنح الجانب الأمريكي حق التحرك من طرف واحد ضد العراق، بقدر ما تعبر عن رغبة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن في تأطير المسألة ضمن المؤسسة الدولية على اعتبار أن الكثيرين -ومن بينهم هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق- يعتقدون أن هذا المنحى يعد انقلاباً في النظام الدولي الذي أقر باتفاقية "وستفاليا" عام 1648 التي أرست مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وأياً كانت طبيعة الآراء حول الجدل داخل مجلس الأمن الدولي، فإن هناك إجماعاً نسبياً على أن المواقف المعارضة تشكل إزعاجاً لواشنطن ولكنها لن ترقى إلى حد تعطيل المشروع الأمريكي سواء لإجادة واشنطن توظيف لغة المصالح أو اللعب على التناقضات القائمة بين الدول والعواصم، بحيث لم يعد يبقى أمام القوى الكبرى سوى المناورة ضمن منطقة التوازن الصعب بين تناقضات عدة.
إن السجال داخل أروقة مجلس الأمن حول الملف العراقي هو "مباراة دبلوماسية" توظف فيها الأوراق كافة، وهي أيضا "أجراس ساعة الحقيقة" التي تنبه العالم إلى واقع دولي جديد، وليس من السهل بالتالي الحديث عن تراجع هذا أو ذاك من أطراف اللعبة السياسية قبل التحقق من طبيعة هذا التراجع وحدوده الفعلية، وخصوصاً أن القناعة السائدة في أوروبا هي اتجاه واشنطن لخوض الحرب منفردة سواء حصلت على غطاء سياسي دولي أو لم تحصل عليه.