مرحلة جديدة في علاقات العراق الخارجية
- 29 يونيو 2013
قرار “مجلس الأمن الدولي” القاضي بإخراج العراق من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، يؤرّخ لمرحلة جديدة يتم التعامل فيها مع العراق، كبلد مكتمل السيادة وذي قرار سياسي ومالي مستقلّ، معيداً إياه إلى حاضنة المجتمع الدولي بعد قطيعة استمرت لأكثر من عقدين من الزمان.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد أوصى في تقريره المتعلق بتنفيذ العراق لالتزاماته الدولية، بإخراجه من الفصل السابع بعد إتمام مشروع صيانة العلامات الحدودية بين الكويت والعراق، تنفيذاً لقرار “مجلس الأمن” رقم 833 الصادر عام 1993.
ومما لاشك فيه أن هذا القرار ينطوي على تداعيات إيجابية على مستوى علاقات العراق الخارجية، ويفتح أمامه آفاقاً رحبة لجهة تعزيز الثقة الدولية بمواقفه المستقبلية، وكونه يتعامل باحترام مع الدول الأخرى، ليكون متغيراً ضامناً للأمن والاستقرار في المنطقة، وكعضو مسؤول وفاعل في الأسرة الدولية، وإعادة بناء الثقة مع جواره الجغرافي.
كما سيكون هذا القرار خطوة للنهوض بتعزيز برامجه التنموية والاقتصادية، والشروع بعملية إعادة البناء والإعمار، وبذل أقصى الجهود في سبيل تمكين العراق من تحقيق استقراره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وتوفير الخدمات الحيوية الأساسية للشعب العراقي، والحد من حجم الفساد المستشري في مؤسساته المختلفة، وفقاً لرئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، وبرلمانيين عراقيين، أضف إلى ذلك السماح بدخول الشركات العالمية المتخصصة ذات التصنيفات الدولية المتقدمة إلى العمل في البلد، التي كان الفصل السابع يمثّل عائقاً كبيراً أمام وجودها على ساحة العمل العراقية والعمل في ميدان تنفيذ المشروعات.
إن التحدي الأعظم الذي يواجه العراق اليوم هو بناء دولة المؤسسات بحيث ترتفع فعالية الدولة في الأمن والعدل والاقتصاد والخدمات العامة كالصحة والتعليم، والحرص على وجود نظام قضائي مستقل يكون حكماً في تنفيذ مبادئ العدالة والمساءلة، وضرورة توفر الإرادة السياسية اللازمة لإعادة بناء الأطر المؤسسية-القانونية للدولة، وفي المقدمة البدء بحوار جدي بين فرقاء العملية السياسية، بما يؤمن جمع الفرقاء السياسيين، لتجاوز الإخفاقات السياسية، والشروع في بناء دولة شفافة لكل مواطنيها، لا تتحزب لطرف دون آخر؛ إذ يزيد الحوار الوطني الشامل من فرص التغلب على المشكلات السياسية ويعزز مناخ التوافق مع الشركاء الآخرين، وتوسيع المشاركة السياسية والتعددية، وتحقيق التنمية المستدامة.
وأمام العراق مهمة جسيمة في مواجهة الإرهاب والتصدي له، لما ينطوي عليه من تهديد للسلم والأمن والاستقرار وتقويض للسلم الأهلي، والعمل على ترسيخ قيم التفاهم والتسامح والحوار والتعددية، ومحاربة كل أيديولوجية تدعو إلى الكراهية وتحرّض على العنف، وتسوغ الجرائم الإرهابية، التي لا يمكن قبولها في أي دين أو قانون أو عرف.
ويتعيّن على العراق تقوية منظومة علاقات إيجابية بنّاءة ومتينة مع الدول العربية، وتقريب وجهات النظر عبر المساهمات الجادة وطرح المبادرات الإيجابية التي تصبّ في خدمة القضايا العربية، بما يسهم في حل كل الإشكالات بعيداً عن التشنج، وتوسيع التعاون المشترك بين العراق والدول العربية، بما يعمّ بالنفع على الأطراف كلها.