محاولة إسرائيلية لتصفية قضية القدس
- 25 فبراير 2009
في إطار سعيها إلى تصفية القضية الفلسطينية وفرض الأمر الواقع في الأرض المحتلة، تركّز إسرائيل بشكل خاص على القدس، وذلك من خلال وتيرة "التهويد" المتسارعة بهدف طمس أي معالم عربية أو إسلامية فيها، حيث تدرك أهميتها الدينية لدى العرب والمسلمين كلهم في العالم وإصرارهم على أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة.
وعلى الرغم من المطالبات العربية والدولية الكثيرة لإسرائيل بالكفّ عن "تهويد" القدس، باعتبارها إحدى القضايا الرئيسية في عملية التفاوض الفلسطينية-الإسرائيلية، فإنها لا تكفّ عن الاستمرار في مخططها، بل إنها تصعّد من إجراءتها "التهويدية" تجاه المدينة المقدسة بشكل لافت للنظر، ولعل آخر خطواتها في هذا الصدد مخططها الخاص بهدم 88 منزلاً فلسطينياً في القدس وتشريد 1500 فلسطيني، بحجة أنها بيوت أقيمت من غير ترخيص، على الرغم من أنها مقامة منذ ما قبل عام 1967، وعلى الرغم من التوسّع الكبير في المستوطنات اليهودية في القدس وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي لا سند لها في تاريخ أو قانون أو أخلاق.
هناك استهداف إسرائيلي للقدس، ليس من خلال طرد سكانها العرب أو هدم بيوتهم فقط، وإنما عبر تصاعد التهديد للمسجد الأقصى المبارك والحفريات الخطرة تحت جدرانه، إضافة إلى اللهجة السياسية والدينية التي تؤكد عدم التنازل عنها في أي عملية سلام. ولعل من الأمور الخطرة أن توجّهات هدم بيوت للفلسطينيين في القدس وطرد سكانها تأتي في الوقت الذي يستعد فيه زعيم إسرائيلي متشدد وله مواقفه المتطرفة تجاه القدس، هو بنيامين نتنياهو للسلطة في إسرائيل، حيث تلقّى وصية من أحد الحاخامات بتعميق السيطرة الإسرائيلية على القدس وعدم التفكير في التنازل عنها وتوسيع مظاهر تهويدها.
إن إسرائيل من خلال إجراءاتها العدوانية تجاه القدس العربية وسكانها تتعمد استفزاز مشاعر العرب والمسلمين كلهم، خاصة أن القدس هي "عاصمة الثقافة العربية" للعام الجاري 2009، ولها موقعها الديني المميز لدى كل عربي ومسلم. من المهم أن يتحرّك العالم والقوى الفاعلة ذات التأثير فيه استجابة للمطالب العربية التي صدرت، مؤخراً، على مستويات مختلفة، من أجل التصدي لإسرائيل ومنعها من تفجير المنطقة كلها من خلال تهديداتها للقدس المحتلة وتوجهاتها العنصرية تجاه مقدساتها وسكانها من العرب، لأن البعد الديني للقضية وموقع المدينة المقدسة في قلوب ملايين العرب والمسلمين، يمكن أن يفجّر شحنات الغضب تجاه الإجراءات الإسرائيلية بما يهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط برمّتها، ويجعل المستقبل مفتوحاً على سيناريوهات خطرة، ولعل انتفاضة الأقصى التي انطلقت عام 2000 واستمرت لسنوات عدة، احتجاجاً على دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، آرييل شارون، باحة المسجد الأقصى المبارك، تشير إلى ما يمكن أن يؤدي إليه أي عبث إسرائيلي في القدس أو المقدسات بها من مخاطر كبيرة.