قمّة الدّوحة: مناسبة للتضامن والوفاق
- 30 مارس 2009
مثلما أكّد صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في الحوار الذي أجرته مع سموّه صحيفة "الوطن" القطرية، مؤخراً، فإنّ القمة العربية في الدّوحة التي تبدأ اليوم،وتستمر حتى الغد، تمثل فرصة لتنقية الأجواء العربيّة، وحلّ مشكلات المنطقة بالحوار، فلا شكّ فيأنّ التحديات الضخمة والمعقدة التي يواجهها العرب، فرادى أو مجتمعين، تدعو إلى ضرورة توحيد الصفّ العربي، ومعالجة الخلافات بين الدول العربية بروح جديدة وإيجابيّة، فبالإضافة إلى بؤر التوتّر والتأزّم في أكثر من مكان في الأرض العربية، هناك التحديات الخارجيّة التي تنبع من محاولات بعض القوى التدخّل في الشؤون الداخلية العربية، وتوسيع نفوذها على حساب العرب،ومصالحهم، واستقرار مجتمعاتهم، كما أنّ هناك التحدي الإسرائيليّ الكبير في ظلّ حكومة مقبلة تتبنّى توجّهات متطرّفة تجاه العرب وعملية السلام، وما ينطوي عليه ذلك من مخاطر كبيرة، فضلاً عن أنّ "الأزمة الماليّة العالميّة"، التي تلقي بتأثيراتها السلبية على كل الدول العربية من دون استثناء، تتطلّب من العرب التعاون والتعاضد في مواجهتها، من خلال الأطُر الاقتصاديّة العربيّة المشتركة.
التحديات التي تواجه العرب من التنامي والتفاقم والخطورة، بحيث لا يمكن مواجهتها إلا من خلال رؤية واحدة واستراتيجيّة متسقة وموحّدة، كما أن أخطارها تطول كل الدول العربية، وتهدد أمنها ومصالحها، ولذلك فإنّ هناك مصلحة عربيّة مشتركة في التعاون على مواجهتها والتصدّي لها.
لقد دفع العالم العربي ثمناً باهظاً لخلافاته على مدى السنوات الماضية، حيث اتّسعت رقعة التوتّر على ساحته، وأتيحت الفرصة لبعض القوى الإقليميّة للنفاذ إلى المنطقة العربيّة، وتهديد أمنها، والنيل من مبدأ التعايش بين طوائفها ومذاهبها وأعراقها المختلفة، ولهذا فإنّه قد حان الوقت لتدارك هذا الوضع، وإعادة ترميم العلاقات العربيّة-العربيّة وبنائها على أسس متينة وراسخة يمكنها أن تنتقل بالعمل العربيّ المشترك إلى آفاق جديدة وأكثر فاعلية.
لا شكّ في أنّ هناك الكثير من المعوّقات التي تعترض طريق المصالحة العربية الشاملة والفاعلة،وتقف أمام تنشيط العمل العربيّ المشترك وتقويته، إلا أنّ هذا يجب ألا يكون سبباً للإحباط أو القنوط، وإنما دافعاً لمزيد من العمل والتحرّك لتجاوز هذه المعوّقات، مهما كانت شدّتها ودرجة تعقيدها، لأنّالتضامن العربيّ هو الطريق الوحيد الذي يمكن للعرب من خلاله الوقوف صفاً واحداً أمام المخاطر التي تحيط بدولهم وشعوبهم في ظل عالم مضطرب ومتغيّر ومملوء بأسباب التوتّر والصراع. في هذا الإطار، فإنّ مؤتمرات القمة العربية، باعتبارها أهم الاجتماعات وأرفعها على المستوى العربي، تبعث الأمل في نفوس العرب في كل مكان في مزيد من وحدة الأمة العربيّة، وتفعيل دورها في محيطيها الإقليميّ والدوليّ، وتنطوي قمة الدّوحة، على الرغم من التعقيدات التي تواجهها، على فرصة مهمّة لاتخاذ خطوة كبيرة إلى الأمام على طريق المصالحة والوفاق يتم الانطلاق منها، والبناء عليها خلال الفترة المقبلة، خاصّة مع تصاعد مؤشرات الإدراك العربي، خلال الفترة الماضية، لخطر استمرار الخلافات العربيّة-العربيّة على الأمن القومي العربي، وتزايد التحرّكات والدّعوات من أجل السيطرة على هذه الخلافات.