سوق النفط وطبيعة المرحلة الراهنة
- 8 يونيو 2002
لعل أفضل ما يفسر رد، أو عدم رد، فعل الأسعار للقرار العراقي هو ما اكتسبته سوق النفط العالمية مؤخراً من "مناعة" حيال التأثير الذي تتركه الصادرات العراقية، في توقفها أو استئنافها على الإمدادات وعلى مواقف المتعاملين. فقد تكرر مثل هذا الأمر أكثر من مرة حتى باتت تأثيراته في السوق محدودة للغاية بحيث لم يعد قرار مثل توقف إمدادات تصل إلى أكثر من مليوني برميل يومياً أو استئنافها يترك أثراً كبيراً في التوقعات. فعلى ما يبدو باتت الأسواق تأخذ في حساباتها الصادرات العراقية وهي في حالة اضطراب متواصل.
ثمة أمر آخر يشار إليه كسبب لتجاهل الأسواق للصادرات العراقية يتمثل في كون حالة الاضطراب تلك وتوقف تصدير النفط الخام العراقي من آن لآخر قد دفعا بالشركات المشترية والمصافي إلى التوجه نحو مصادر أخرى بديلة. لكن هبوط الأسعار بدلاً من ارتفاعها يأتي كدليل آخر يؤكد توافر كميات كافية من الإمدادات في الأسواق بحيث تبدد أي حالة من المخاوف، وهو ما ظهر مؤخراً من الاتجاه الهبوطي للأسعار رغم بوادر انتعاش الطلب العالمي.
من هنا تنطوي بعض الدعوات التي تطالب منظمة أوبك بضرورة رفع القيود المفروضة على الإنتاج واستئناف ضخ كميات إضافية من النفط الخام، على قراءة غير دقيقة في أفضل الأحوال للأوضاع الحالية لسوق النفط العالمية. ففي سوق لا تظهر تأثراً يذكر بغياب صادرات النفط العراقية التي تتجاوز 4% من إجمالي الطلب العالمي، مهما كانت أسبابه وآفاقه، فإن ذلك يعني أن الإمدادات العالمية متوافرة ولا تستدعي من الدول المنتجة زيادة في المدى القصير، وذلك يؤكد أن اتجاه "أوبك" نحو الإبقاء على سقف إنتاجها الحالي من دون تغيير، قبل أن ينعكس ما يستدعي هذا التغيير على الأسعار، هو اتجاه يتماشى وطبيعة المرحلة التي تمر فيها سوق النفط العالمية.