حرب العراق وثورة المعلومات
- 25 مارس 2003
وثانية الملاحظات تتمثل في أن الصراع بين القنوات الفضائية ووكالات الأنباء على السبق في نقل المعلومة أو الخبر يدفعها أحيانا إلى نشر أخبار غير دقيقة، وكثيرا ما تتم الإشارة إلى أن مصدر هذا الخبر أو ذاك هو شهود عيان، وهذا بلا شك يحدث البلبلة ويتسبب في انتشار الشائعات المقصودة وغير المقصودة التي يكون المشاهد والمتابع العادي هو ضحيتها الأولى، كما يؤدي ذلك إلى زيادة درجة انعدام اليقين لدى المشاهد أو القارئ.
أما الملاحظة الثالثة هنا فهي أنه في الحروب عادة لا تقال كل الحقيقة، كما أن هذه المعلومة تستخدم أحيانا في الحروب النفسية وهذا ما يتضح في الحرب بالعراق بشكل جلي، فإضافة إلى الحرب العسكرية هناك حرب أخرى معلوماتية بين الولايات المتحدة والعراق ولذلك يتكرر ظهور المسؤولين من البلدين لنفي كلام بعضهم بعضا، فيما تنقل الفضائيات المعلومات كلها وتترك للمشاهد والمتابع الحكم والاستنباط مما يوقعه في حيرة وضبابية.
ولا تعني الملاحظات السابقة توجيه الانتقادات للفضائيات أو وسائل الإعلام الأخرى التي تحاول وضع الناس في الحدث، أو التقليل من دورها، وإنما الإشارة إلى أن ثورة المعلومات والاتصالات لها أخطارها وثغراتها التي يجب الالتفات إليها، لأن الفضائيات أو وكالات الأنباء لا تصنع الحدث أو المعلومة وإنما تقوم بنقلها فقط، ويبقى مصدر القوة في الصانع لهذه المعلومة الذي يستطيع التحكم فيها وتوجيهها بما يتفق مع مصالحه وأهدافه، وأن النقل الحر للمعلومة الحقيقية والأكيدة لم يصل العالم إليه بعد، والحرب الحالية في العراق تعكس هذا الأمر بوضوح جلي.