النفط.. السلعة التي تؤثر وتتأثر بخطابات ترامب وتغريداته
- 18 نوفمبر 2019

المتتبع لحالة أسواق النفط العالمي، يدرك مدى التغيّر الحاصل في أسعارالنفط، جرّاء العديد من العوامل؛ أهمها حجم الإنتاج الأمريكي والوتيرة التي تسير بها قضية النزاع التجاري بين واشنطن وبكين، والتطورات الجيوسياسية الجارية في منطقة الشرق الأوسط، وغيرها من التحديات السياسية والاقتصادية التي باتت تتحكم بتوازن واستقرار الأسواق بشكل كبير.
تسببت التصريحات المتفائلة الصادرة عن جيروم بأول، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، حول استمرار النمو وإبقاء أسعار الفائدة منخفضة، وتصريحات أخرى صدرت عن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بارتفاع أسعار النفط في نهاية الأسبوع الماضي، وذلك قبيل صدور التقرير الأسبوعي لمخزونات الولايات المتحدة، حيث صعدت العقود الآجلة لخام برنت 0.5% ليتحدد سعر التسوية عند 62.37 دولار للبرميل، فيما زاد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط بمعدل 0.6%، ليغلق على 57.12 دولار للبرميل.
قول باول إن الاقتصاد الأمريكي سيشهد «نمواً مستداماً» مع استمرار الأثر الكامل لتخفيضات سعر الفائدة الأخيرة، وتوضيح «أوبك» أنها لا ترى ما يشير إلى ركود عالمي، وإن إنتاج النفط الصخري الأمريكي المنافس قد ينمو أقل من المتوقع بكثير في عام 2020، كانا سببين مباشرين في استعادة النفط لأنفاسه من جديد. إلا أن أسعار برميل «الذهب الأسود» ما زالت تواجه، برغم تفاؤل بعض الأطراف، مزيداً من الضغوط والعقبات التي تحدّ من تحقيق التمنيات بمواصلة استقراره وتوازنه؛ وخاصة ما يتجسّد من ذلك بحالة عدم اليقين بشأن توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق ينهي حالة النزاع التجاري، ويأخذ بالاقتصاد العالمي إلى نقطة جديدة من النمو.
في 13 نوفمبر الجاري، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليشنّ هجومه المعتاد على الصين، بوصفها أمة من «الغشاشين»، من دون أن ينسى إلقاء مسؤولية نجاحها في ذلك على قادة أمريكا السابقين، فضلاً عن هجومه على الاتحاد الأوروبي، بوصف الأخير بأنه يقوم بممارسات تجارية غير عادلة، قائلاً إن «الحواجز التي تفرضها دول الاتحاد مرعبة، وأسوأ كثيراً مما تفعله الصين»، وذلك في أثناء إلقائه كلمة في «النادي الاقتصادي» بنيويورك، ما يشي بتجدد تزعزع حالة «السلام النسبي» التي طغت على الأجواء مؤخراً بين واشنطن وبكين، والتي برزت في الوقت الذي يُنتظر فيه توقيع الدولتين على المرحلة الأولى من اتفاق تجاري بينهما.
وقد أدلى ترامب بتصريحات صحفية، قبل خطابه هذا بيومين، نشرتها وكالة «بلومبيرغ» للأنباء؛ قال فيها «يرغب القادة في بكين في إبرام اتفاق تجاري مع أمريكا بأكثر مما أفعل أنا»، في إشارة إلى محاولاته تفنيد تقارير صحفية تناولت استعداد أمريكا للتراجع عن التعرفات الجمركية الحمائية التي فرضها على وارداتها من المنتجات الصينية منذ مارس 2018، الأمر الذي يؤكد عدم استعداده إبداء أي «تنازل» عن قراراته التي يرى فيها مراقبون أنها ستودي بالاقتصاد العالمي نحو حالة من الركود ثم الانكماش، والانتقال بعد ذلك إلى أزمة اقتصادية جديدة، قد تعصف بالعالم الذي ما زال يتعافى من آثار الأزمة التي حصلت في عام 2008. إن ترامب بحاجة الآن، وأكثر من أي وقت مضى، إلى تجنب لوم ناخبيه بشأن وعوده الانتخابية حول تحسين الوضع المعيشي، وخفض أسعار السلع، وخاصة النفط، وهو ما لم يتحقق إلى الآن؛ فزيادة أسعار النفط إن استمرت ستتسبب في ارتفاع عجز الموازنة الأمريكية، وهو ما ينسجم مع بيانات حديثة صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية قالت إن الدين العام في الفترة الأولى لحكم ترامب زاد بمقدار ثلاثة تريليونات دولار منذ تنصيبه، متجاوزاً الرقم 23 تريليون دولار، مقابل 19.9 تريليون دولار في عام 2017، العام الذي تولى فيه ترامب الحكم.
كما أن انخفاض مخزون واشنطن من النفط الخام، أدى إلى زيادة الطلب الأمريكي في الأسواق الدولية، وهو ما تسبب في زيادة أسعاره، حيث رفعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في أغسطس الماضي، توقعاتها لطلب واشنطن على النفط وأنواع الوقود السائل الأخرى هذا العام إلى 20.58 مليون برميل يومياً، تماشياً مع زيادة الطلب السنوي بنحو 80 ألف برميل يومياً، كما توقعت ارتفاع الطلب على هذه السلع إلى 20.75 مليون برميل يومياً في 2020.