التفكير للمستقبل في الإمارات
- 9 أكتوبر 2013
أهم ما يميز دولة الإمارات العربية المتحدة ويجعل تجربتها التنموية تجربة رائدة على المستويين الإقليمي والعالمي، يشار إليها بالبنان وتسعى دول كثيرة إلى الاستفادة منها والسير على خطاها، أن قيادتها الرشيدة تفكر دائماً للمستقبل وتتطلع باستمرار إلى الأمام وتعتمد على المبادرة وليس رد الفعل ولا تترك أي شيء للمصادفة، وإنما تعتمد التخطيط منهجاً لتحقيق الأهداف المرجوة على المستويات كافة. وتمثل استراتيجية الطاقة في الدولة نموذجاً لهذا التفكير للمستقبل، فعلى الرغم من أن دولة الإمارات دولة منتجة ومصدرة للنفط، فإن هذا لم يمنعها من الانخراط في إنتاج الطاقة النووية والمتجددة، بل وقيادة التحرك العالمي في تعزيز الاهتمام بالنوع الأخير من الطاقة ولعل استضافتها لمقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا" هي دليل على ذلك. وهذا لم يأت من فراغ وإنما من رؤية قائمة على دراسات علمية لاحتياجات المستقبل من الطاقة في ظل تزايد عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة واتساع النشاطات الاقتصادية والتنموية، خاصة في المجال الصناعي، إضافة إلى حرص الدولة على إيجاد بيئة نظيفة تحقق هدف التنمية الشاملة والمستدامة.
في هذا السياق تأتي تصريحات الرئيس التنفيذي لـ "مؤسسة الإمارات للطاقة النووية" خلال المنتدى المجتمعي التاسع للطاقة النووية، مؤخراً، التي أكد فيها أنه من المتوقع أن تشكل الطاقة النووية مصدراً لنحو ربع احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء بحلول عام 2020، وأن الموظفين الإماراتيين في المؤسسة يمثلون نحو 69 في المائة من مجموع العاملين فيها. إن هذه التصريحات تؤكد أمرين مهمين: الأمر الأول، هو أن البرنامج النووي الإماراتي لإنتاج الطاقة للأغراض السلمية يسير في طريقه لخدمة التنمية وفق خطة واضحة ومحددة زمنياً لتحقيق الأهداف المرجوة منه في إطار من الشفافية والتزام أعلى معايير الأمان العالمية. والأمر الثاني، هو أن الإمارات تعمل بقوة على بناء كوادر مواطنة في مجال الطاقة النووية يكون بمقدورها الاضطلاع بمسؤولية البرنامج النووي السلمي، في إطار استراتيجيتها العامة بشأن توسيع قاعدة الكوادر المواطنة في مجال التخصصات العلمية والتكنولوجية الدقيقة وتشجيع وتحفيز المواطنين للانخراط في هذه التخصصات التي تعتمد عليها طموحات الدولة التنموية خلال السنوات القادمة.
ومن منطلق إدراكه لأهمية قضية الطاقة وعلاقتها الوثيقة بالتنمية المستدامة، فإن "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" يعطيها اهتماماً كبيراً وخاصاً، لذلك فإنه يخصص مؤتمراً سنوياً للطاقة يناقش فيه جوانبها المختلفة، وقد حظيت الطاقة النووية والمتجددة باهتمام كبير في الدورات المختلفة لهذا المؤتمر ومنذ وقت باكر، وقد استطاع مؤتمر الطاقة السنوي من خلال الموضوعات المختلفة التي تعرض لها أن يبني قاعدة علمية معرفية ثرية حول قضية الطاقة، وفي المقدمة منها الطاقة النووية والمتجددة.