أزمة جائحة «كورونا» فرصة للتقارب بين الأديان
- 18 مايو 2020

جاءت مبادرة الصلاة من أجل الإنسانية، يوم الخميس الماضي، لتؤكد إمكانية أن تقود أزمة جائحة (كوفيد-19) إلى حدوث تقارب بين الأديان ونبذ الفرقة والخلافات بين أتباع الديانات المختلفة، وهي الخلافات التي أدت إلى حدوث صراعات تاريخية مريرة، ولا تزال من الأسباب الرئيسية للصراع في كثير من مناطق العالم المعاصر.
أظهرت جائحة فيروس كورنا المستجد (كوفيد-19) الحاجة الماسة إلى التعاون المشترك بين مختلف الدول والشعوب في مواجهة هذه الأزمة، التي تشكل تحدياً لم يشهد له العالم مثيلاً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945). ولا شك أن أول شروط هذا التعاون، هو ترك الخلافات، ومن بينها تلك الخلافات ذات الطابع الديني، التي أدت إلى حدوث صراعات تاريخية مريرة، ولا تزال من الأسباب الرئيسية للصراع في العالم المعاصر، ويعمل المتطرفون من الأديان كافة على إذكاء الخلافات القائمة بين الأديان المختلفة، وهم يعتبرون أن الاختلاف بين الأديان، هو سبب كافٍ لحدوث تصادم دائم وحتمي بينها وأنه لا يمكن التعايش بينها.
ولأن جائحة فيروس كورنا المستجد (كوفيد-19) شكلت تحدياً لجميع بني البشر، بغض النظر عن أي اعتبارات، ومن بينها الاعتبارات الدينية، فقد وجدت الدول والأمم والشعوب كافة نفسها أمام مشكلة واحدة، لم يفلح العلم حتى الآن في إيجاد حل لها، فاتجه الجميع إلى الخالق، عز وجل، تضرعاً لإنقاذهم من هذه النازلة الكبرى، ومن هنا جاءت مبادرة الصلاة من أجل الإنسانية التي دعت إليها «اللجنة العليا للأخوة الإنسانية»، من خلال بيان طالب القيادات الدينية وجموع الناس حول العالم بالصلاة والصيام والدعاء من أجل الإنسانية يوم الخميس الموافق 14 مايو الجاري والتوجه إلى الله تعالى بصوت واحد ليحفظ البشرية ويوفقها لتجاوز هذه الجائحة. وقد جاءت هذه الدعوة تحقيقاً لأهداف وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها في فبراير 2019 فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في أبوظبي، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وهي بمثابة دستور لتحقيق السلام والأخوة بين جميع البشر على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم، وتم تأسيس اللجنة العليا للأخوة الإنسانية لتتولى مهمة تنفيذ ما جاء بالوثيقة، وتحويلها إلى حراك عالمي تسهم فيه جميع المؤسسات والهيئات الدينية والدولية.
ويقول سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في تصريح له نشر الأسبوع الماضي، إن مبادرة «الصلاة من أجل الإنسانية»، تؤكد أن العالم كله يشعر بمدى الخطر الذي تمثله جائحة فيروس كورونا، كما تعكس روح التضامن بين مختلف الأمم والشعوب والثقافات، وهذه الروح هي التي يجب أن تسود، حتى نتمكن من التغلب على الكثير من التحديات المشتركة التي تواجه البشرية جميعها، بعد أن تحول العالم إلى قرية واحدة، في ظل تنامي ظاهرة العولمة، مضيفاً أنه في الوقت الذي نؤكد فيه إيماننا الراسخ بأهمية دور الطب والبحث العلمي في التصدي لهذه الجائحة، فإننا يجب ألا ننسى أيضاً أن نتوجه إلى الخالق، عز وجل، فهو القادر وحده على أن يبدل الحال ما بين طرفة عين وانتباهتها.
لقد أثبتت مبادرة «الصلاة من أجل الإنسانية» التي كانت أول صلاة متعددة الأديان، أن الفوارق والاختلافات بين الأديان يمكن تجاوزها لصالح المصير المشترك للبشرية جميعها. لقد توحدت قلوب كل الشعوب في كل بقاع الأرض للتضرع إلى الله بالصلاة والدعاء، يجمعهم اليقين المطلق بقدرة الله ولطفه ورحمته بأن يحفظ البشرية ويرفع عنها هذه النازلة الكبرى، وهو ما يعد فرصة للتقارب بين أتباع الأديان المختلفة، ودحض دعاوى المتطرفين بأن هذه الاختلافات هي مدعاة للصدام الحتمي.