علاقة الفساد الإداري بالخصائص الفردية والتنظيمية لموظفي الحكومة ومنظماتها
الوصف
بات الفساد الإداري آفة إدارية متفشية في القطاعين العام والخاص على حد سواء. ورغم أنه يشكل إحدى أكثر المشكلات التي تواجه السياسة العامة في دول العالم، وبخاصة النامية منها، فإن الدراسات التي تناولته ركزت جل اهتمامها إما على وصف الظاهرة، وإما على استعراض أسبابها والمفاهيم المتعلقة بها، من جانب نظري لا يستند إلى أرقام وحقائق من واقع الأجهزة الإدارية المختلفة، أو أنها استعرضت اتجاهات العاملين أو الرأي العام أو القيادات السياسية والإدارية بخصوصها. وقد جاء هذا البحث ليقدم مدخلاً عملياً لتحليل هذه الظاهرة من خلال دراسة بعض الخصائص الديموغرافية والوظيفية لمرتكبي جرائم الفساد الإداري في إحدى الدول العربية، وذلك استناداً إلى بيانات واقعية من سجلاتها القضائية.
وقد شمل البحث 112 حالة جريمة أدين أصحابها فعلاً من قبل المحكمة المختصة بإحدى جرائم الفساد الإداري التالية: الرشوة، سرقة الأموال النقدية، سرقة الأموال العينية، وذلك خلال السنوات (1992-1996). وقسم الباحث العوامل ذات العلاقة المحتملة بالفساد الإداري إلى ثلاث مجموعات رئيسة هي: الخصائص الفردية للموظفين وتضم الجنس والعمر والمهنة، والعوامل التنظيمية الداخلية وتضم الزملاء والمستوى الوظيفي، والعوامل التنظيمية الخارجية وتضم نوع نشاط المنظمة والقانون الذي يحكمها.
وقد دلت النتائج التي توصل إليها البحث على وجود علاقة بين جرائم الفساد الإداري وتلك العوامل، وقد أثبتت ذلك الدراسة الإحصائية الميدانية التي اعتمد عليها الباحث؛ ففيما يتعلق بالخصائص الفردية للموظفين تبين أن الذكور منهم أكثر ارتكاباً لجرائم الفساد الإداري من الإناث، وأن صغار السن أكثر ارتكاباً لهذه الجرائم من كبارهم، وأن المهنيين أقل ارتكاباً لها من غير المهنيين. أما العوامل التنظيمية الداخلية فأظهرت الدراسة أن الفساد الجماعي أقل شيوعاً من الفساد الفردي في البيئة موضع البحث، وأن الفساد في المستويات الوظيفية الدنيا أكثر منه في المستويات العليا.
وبالنسبة إلى علاقة العوامل التنظيمية الخارجية بالفساد الإداري فقد تبين أن جرائم سرقة الأموال العينية المرتكبة في المنظمات الإنتاجية أكثر من تلك المرتكبة في المنظمات الخدمية، أما الرشوة فلم تسجل أي جريمة من هذا النوع في المنظمات الإنتاجية، بينما ارتكب الموظفون في المنظمات الخدمية هذه الجريمة بنسبة 21% تقريباً. وبالنسبة إلى سرقة الأموال النقدية فقد ارتكب الموظفون في المنظمات الخدمية هذه الجريمة بدرجة أكثر من موظفي المنظمات الإنتاجية؛ نظراً لأن المؤسسات المالية تحتل قطاعاً مهماً في المنظمات الخدمية. وأخيراً فقد بينت الدراسة أن المنظمات التي يحكمها قانون عام هي أقل تعرضاً لجرائم الفساد الإداري من تلك التي يحكمها قــانـون خاص.
ويخلص الباحث إلى التوصية بضرورة تكثيف الدراسات حول الفساد الإداري بالاعتماد على الوقائع القانونية والمنهج الميداني الذي اعتمده هذا البحث، من أجل التصدي لهذه الظاهرة في العالم العربي.
AED10.00 – AED20.00