يعد موضوع "شبكات تهريب المخدرات" المنظمة العابرة للقارات ظاهرة عالمية مقلقة، تتجاوز حدود التدابير الوطنية الخاصة بكل دولة؛ لتصبح محوراً للجرائم التقليدية والجريمة المنظمة؛ كغسل الأموال، وتمويل الإرهاب الدولي، والحروب الأهلية، والمنازعات الإقليمية، فضلاً عن دورها المنظَّم في الفساد الإداري، والسياسي، والأخلاقي، في كثير من دول العالم؛ فاستمرار أخطار الجرائم المتعلقة بالمخدرات خلال العقدين الماضيين، يوحي بأنّ ثمة خللاً في تدابير مكافحة هذه الظاهرة، والجهود المبذولة في هذا الشأن على المستويات كافة، محلياً وإقليمياً ودولياً. فقد نظمت الأمم المتحدة كثيراً من المؤتمرات، وأبرمت المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتبنت البرامج الوقائية بشأنها، لكن نتائج تلك الجهود لم تكن مُرضية حتى بالنسبة إلى هذه المنظمة الدولية نفسها؛ ما جعلها تدعو مجدداً إلى تعزيز الجهود الوطنية والإجراءات الأمنية المحلية.

ومن هنا، تأتي أهمية هذه الدراسة التي تتناول جهود دولة الإمارات العربية المتحدة، والتعريف بالإسهامات الوطنية لمواجهة هذا التحدي، وإلقاء الضوء على التدابير والرؤى المستقبلية لبناء مجتمع خالٍ من المخدرات. وتتكون الدراسة من ثلاثة محاور؛ يتعرض المحور الأول للتعريف بالواقع الحالي لجرائم المخدرات على المستويين الإقليمي والدولي، ويدرس المحور الثاني هذا الواقع في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع الإشارة إلى اتجاهات الظاهرة وأخطارها. أما المحور الثالث فيتناول الاستراتيجيات والخطط الأمنية، وجهود مكافحة جرائم المخدرات، وآليات تنفيذ تلك الخطط والبرامج في الواقع العملي، ومدى كفاءة تلك الآليات وفاعليتها، من خلال دراسة خطط مكافحة المخدرات وبرامجها، ومراجعة القوانين واللوائح والهياكل التنظيمية والاختصاصات والنشاطات التي تضطلع بها الأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة المخدرات.