السياسات المائية في الشرق الأوسط

السياسات المائية في الشرق الأوسط

  • 30 سبتمبر 2002

اعتبر المحاضر أن المياه كانت دائماً مصدراً للنزاعات في الشرق الأوسط، وتمثل مشكلة المياه في هذه المنطقة موضوعاً يتصف بالتعقيد البالغ، إذ إن أي كمية من المياه يأخذها مستهلكو المياه من سكان المجاري العليا من النهر تعتبر مأخوذة من مستهلكي سكان المجاري السفلى من النهر.

لقد شكلت جغرافية المنطقة بشكل عام، وأنهارها بشكل خاص، إلى حد بعيد تاريخها العنيف. والحقيقة الواضحة أن الذين استخدموا المصادر المائية التي لا تقدر بثمن بكفاءة قد حققوا النجاح. وهكذا نجد أن أنهار الشرق الأوسط لها أهمية استراتيجية بالنسبة إلى السلام بين دول المنطقة التي لها - من الناحية المبدئية - إرث تاريخي وثقافي وديني مشترك.

برغم ذلك فقد نما الطلب على المياه في الشرق الأوسط بشكل ملموس بسبب العديد من العوامل؛ منها النمو السريع للسكان، والتنمية الزراعية، والممارسات الثقافية، والسياسات الخارجية والداخلية. والحقيقة أن استخدام المياه في الزراعة يأخذ النصيب الأعظم من الاستهلاك الكلي للمياه مما جعل من إدارة العرض والطلب موضوعاً له أهمية قصوى بالنسبة إلى المجتمعات التي تعتمد إلى درجة كبيرة على هذا المصدر.

في الواقع، تترادف المياه تقريباً، بوصفها قضيةً في الشرق الأوسط تقريباً مع النزاعات والحرب؛ وهناك سيناريو خطير سائد فيما يتعلق بالمياه داخل المنطقة وخارجها. وفي العديد من الحالات نجد أن الخطابة السياسية في الشرق الأوسط هي في الواقع في قضايا التعاون التقني الطويل الأجل، وغالبا لا تكون الحجج المنطقية السمة البارزة للمناظرة حول هذه القضية.

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر فكرة "الجوار" مفهوما صعبا في الشرق الأوسط؛ وهي مفهوم مشحون بالعداء وعدم الثقة. وغالبا ما تنشأ التحالفات على أساس العدو المشترك بدلاً من المصالح الاقتصادية المشتركة.

والسؤال المطروح هو كيف يستطيع المرء أن يتحاشى أو يتغلب على مصادر التوتر بين الدول التي تقع على ضفاف النهر، مثل تركيا والعراق وسوريا؟ وأعتقد أن التعاون هو الوسيلة الوحيدة للتغلب على منازعات المياه في الشرق الأوسط. على الرغم من ذلك، يجب التشديد على أن التعاون يعتمد على العديد من العوامل. لقد شهد العالم تقدما تقنيا وقدرا متزايدا من الاعتماد المتبادل ونوعا أفضل من الاتصالات. ولكن لا تزال سياسات القوة بالنسبة إلى مختلف المصادر تهيمن على السياسة الدولية خلال النصف الثاني من القرن العشرين وعلى العلاقات الثنائية بين الدول في الشرق الأوسط. ويفهم الاعتماد المتبادل في هذه المنطقة على أساس أنه نقيض الاستقلال. وهكذا نجد أن كل دولة في المنطقة تبحث عن الاكتفاء الذاتي في المجالات كلها. وعلى أي حال، إن النقطة التي يجب التشديد عليها هي أن التعاون يبدو السبيل الوحيد للتغلب على منازعات المياه في الشرق الأوسط، وهناك حاجة إلى هذا التعاون دون إشراك القوى الخارجية.

على الرغم من ذلك، يجب ألا نتشاءم بشكل مفرط؛ فقد بدأت سوريا وتركيا مؤخراً في تحسين علاقتهما ليس حول المياه فحسب، بل والتعاون أيضاً في مجالات أخرى.

.

المحاضر

يَوم الإثنين 30 سبتمبر 2002

-

يَوم الإثنين 30 سبتمبر 2002

-