يَوم الإثنين 30 يونيو 2003
-
حتى قبل فقدان أرواح 3000 أمريكي في الهجمات على مركز التجارة العالمي في 11 أيلول/سبتمبر 2001، كانت إدارة بوش تعيد تقييم استراتيجية الأمن القومي لكي تضمنها التقليل من أهمية المفاوضات التقليدية بأسلوب كلنتون، والإدارة المصغرة للنزاعات مثل عملية السلام العربية- الإسرائيلية. وتحول التركيز إلى وجوه الضعف في مرحلة ما بعد الحرب الباردة التي خلقها انتشار أسلحة الدمار الشامل، وخاصة تقنية الصواريخ والمواد ذات الطابع النووي. وقد أصبحت إعادة صياغة الاستراتيجية والقوات الأمريكية كلتيهما تمثل رد البنتاجون على أخطار متوقعة ومتنوعة كان يعتقد بوجه عام أنه يتعذر ردعها. وسرعان ما انتقلت هذه العملية إلى مقدمة الاستراتيجية كجزء من تصميم الأمريكيين وعزمهم على استخدام القوة العسكرية ضد العقبات السياسية.
وتزامنا مع سقوط المزيد من الضحايا، والأرواح التي فقدت في هجمات 11 أيلول/سبتمبر، فقد عكست إدارة بوش بإعلانها الحرب على الإرهاب إدراكاً تم التوصل إليه حديثا وبشكل درامي، ويتمثل هذا الإدراك في حقيقة أن الحدود البرية والبحرية والجوية الواسعة للولايات المتحدة الأمريكية كان يتم الدفاع عنها بشكل هامشي فحسب. هكذا توجب تصدير الحرب إلى العدو أينما كان دون اعتبار لمن يحميه أو لموقعه.
وقد طلبت واشنطن من كثير من الدول في عدة مناطق أن تمكنها من الوصول والتطرق إلى الشؤون الأمنية العربية والمشتبه في تورطهم في الإرهاب والمشكوك في انتمائهم إلى منظمات إرهابية. وكان لحقيقة كون الجناة الخمسة عشر المتورطين في أحداث 11 أيلول/سبتمبر من أصول عربية، أثر سلبي عميق وفوري على العلاقات الأمريكية-العربية أضر حتى بالعرب المقيمين بشكل مؤقت في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تضخم هذا الأمر نتيجة للغضب الموجه ضد الولايات المتحدة الأمريكية في كل أنحاء العالم الإسلامي، والذي أوقدت ناره الانتفاضة، ونجاح صدام في إلقاء اللوم على العقوبات الاقتصادية على أساس أنها السبب في مآسي الشعب العراقي.
وتبادلت الولايات المتحدة الأمريكية والعالم العربي الاتهامات والشكوك. وقد تزايدت هذه الاتهامات بعد ظهور دليل جديد عن تنظيم "القاعدة" جاء من أفغانستان يكشف عن مدى الدعم الذي تلقاه التنظيم من بعض الدول العربية والنطاق التام لمقاصده التدميرية. ثم أعقب هزيمة نظام طالبان والوجود العسكري الأمريكي المتواصل في أفغانستان، غزو الأمريكيين للعراق وتحذيرات واشنطن لإيران وسوريا.
وقد خلق هذا الواقع بدوره مخاوف من أن تفرض الولايات المتحدة الأمريكية ما يشبه الاستعمار على الشرق الأوسط، مما يفضي إلى تفاقم تدهور العلاقات الأمريكية- العربية التي أخذت تتدنى بشكل لولبي. وعلى العكس من ذلك، تشير بعض التحليلات الدقيقة إلى أن هناك آليات تصحيح متضمنة في هذه العلاقات لتفادي مثل هذا التطور، وتفتح في حقيقة الواقع مسالك جديدة ومحتملة للتعاون تقوم على تقديرات أكثر واقعية للأخطار التي تتهدد الطرفين والقدرات المشتركة لديهما.
يَوم الإثنين 30 يونيو 2003
-
يَوم الإثنين 30 يونيو 2003
-