يَوم الأربعاء 25 مايو 2011
-
تعكس "ثورة الياسمين" التي تهز منطقة الشرق الأوسط حالياً التحدي المتمثل في تحويل الديمقراطية إلى قوة للوحدة الوطنية بدلاً من أن تكون مصدراً للضعف وانعدام الأمن. ويمكن لتجربة أمريكا اللاتينية في هذا الصدد أن تساعد على إلهام المنطقة وإضاءة رحلتها المثيرة للاهتمام نحو الديمقراطية. ويعود تاريخ تجربة أمريكا اللاتينية مع الديمقراطية "المستندة إلى قاعدة شعبية" إلى حقبة السبعينيات من القرن العشرين، والتي شهدت عودة الحكومات المنتخبة نتيجة السخط الشعبي إزاء الأنظمة المتسلطة غير القادرة على التصدي للتحديات الناشئة عن تصاعد المظالم الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة بسبب الركود الاقتصادي والديون الخارجية.
وقد تعاملت المجالس الدستورية في أنحاء المنطقة بقدسية مع الحقوق والمزايا العامة التي تزايدت مطالبات الناخبين بها. بيد أن الظروف الاقتصادية الصعبة أدت إلى نضوب الأموال من الخزائن الحكومية مما أجج التضخم التصاعدي في الأسعار. وفي الوقت نفسه، استمرت معاناة أمريكا اللاتينية من الخلافات الحدودية والاضطرابات الاجتماعية والقلاقل السياسية المتصلة بالمنافسات الوطنية التي تعزز الأنظمة التسلطية الرجعية، على رغم أن القارة كانت ولا تزال بمنأ كبير عن الصراعات العرقية والدينية وتمتع بأرث لغوي وثقافي مشترك.
وبات السؤال المطروح هو: كيف نضمن أن تُترجم عملية إصلاح المؤسسات الديمقراطية بطريقة فعالة إلى نظام "اجتماعي واقتصادي" ديمقراطي، أي توزيع المزايا على نطاق واسع؟ واتخذت الإجابة عن هذا السؤال أشكالاً عديدة. ففي منطقة مرتفعات الأنديز وأمريكا الوسطى (حيث كان السكان الأصليون الذين يؤلفون الأغلبية هناك يتم إقصاؤهم لأسباب غير دينية) كانت المطالبات بإجراء "إعادة هندسة" دستورية (تحديد إعادة الانتخاب، والاستفتاءات، وآليات سحب الثقة، وتهيئة مناخ منفصل لحقوق وامتيازات السكان الأصليين) تعزز السيادة الشعبية، ولكنها تخاطر في الوقت نفسه بتحويل الخصوم السياسيين إلى أعداء طبقيين. وفي الدول الأخرى (وخاصة في الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وتشيلي وبيرو والمكسيك) تمثلت الإجابة عن السؤال السابق في إحداث مزيج فعّال من الاستقرار على مستوى الاقتصاد العام والتخطيط الاجتماعي الطويل الأمد. إن النمو الاقتصادي المستدام يسهم في إستخدام نسبة متزايدة من إجمالي الناتج القومي للتصدي للمشكلات الاجتماعية المزمنة. ويشكل ظهور طبقة اجتماعية وسطى ناشئة دليلاً على أن النمو الاقتصادي وتوزيع الدخل بهدف تخفيف حدّة الفقر، يمكن أن يعزز أحدهما الآخر، بدل أن يقودا إلى الصراع.
إن الديمقراطية المستندة إلى قاعدة شعبية تتطلب صياغة رؤية جديدة للتكامل الإقليمي تضمن استفادة الاقتصادات الأصغر بدورها من السوق الإقليمية الكبيرة. كما تضمن المشاركة الشعبية من خلال البرلمانات الإقليمية لتفادي "العجز الديمقراطي" المرتبط بالاتحاد الأوروبي. ويصبح التحدي المتمثل في تحويل الديمقراطية إلى واقع أكثر حدة عندما تتأثر الاقتصادات النامية الأضعف من جراء اختلال التوازنات العالمية بشكل غير متكافئ. وقد انضمت البرازيل إلى الاقتصادات الناشئة الأخرى في تشكيل "تحالفات جديدة للراغبين" (فيما يتصل بالتكامل الإقليمي). وتمثل اجتماعات القمة بين دول أمريكا الجنوبية والدول العربية (برازيليا 2005، والدوحة 2009، وليما 2011) أحد أشكال الشراكة الجنوبية-الجنوبية عبر الأطلسي والتي تتجاوز الانقسامات الجغرافية والثقافية والسياسية سعياً لصياغة التزام مشترك بإصلاح الحكم العالمي.
يَوم الأربعاء 25 مايو 2011
-
يَوم الأربعاء 25 مايو 2011
-