توجهات تركيا وإيران في الشرق الأوسط: سياسات ومصالح

  • 25 مارس 2013

لم يؤثِّر الربيع العربي في الدول التي اندلعت فيها الثورات وأطاحت أنظمة فحسب، بل إنه أثَّر كذلك في القوى الفاعلة في المنطقة. وتركيا وإيران من الأطراف الإقليمية الفاعلة التي تتشكل علاقاتها من جديد، إلى حدٍّ ما، في أعقاب الربيع العربي. وعلى غرار "السفينة الدوّارة" [في مدينة الملاهي]، اتسمت العلاقات التركية الإيرانية على الدوام بالتقلب، على مدى العقود الثلاثة الأخيرة. وقد أججت الهزّات النابعة من ثورة عام 1979 في طهران الشكوك لدى النخبة العلمانية الحاكمة في تركيا على مدى الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين. وكانت تلك هي الفترة التي استقطبت خلالها إيران الانتقادات من الأركان العلمانية للجمهورية التركية؛ بسبب أهدافها المزعومة لتصدير الثورة الإسلامية إلى الجارة الشمالية. وما بين أوائل التسعينيات وسنوات العقد الأول من الألفية الثالثة، كانت الحكومة التركية تضع اللائمة على الخلايا الإيرانية في تركيا عن الاغتيالات السياسية والعبث باستقرارها. وكثيراً ما كانت إيران من ناحيتها تنتقد تركيا لتدخّلها في شؤونها الداخلية من خلال لفتات الدعم الموجه للمعتدلين والإصلاحيين داخل نظام الملالي.

وقد شهدت العلاقات تحسناً بعد وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى السلطة عام 2002؛ فانتعشت العلاقات الاقتصادية، وبلغ التبادل التجاري بين البلدين مستويات غير مسبوقة. وعلى صعيد العلاقات السياسية والخارجية، دافع رئيس الوزراء أردوغان وحكومته عن تطبيع العلاقات بين إيران وبقية المجتمع الدولي. واستضافت أنقرة المؤتمرات وعقدت الاجتماعات المغلقة مع ممثلين من دول رئيسية لتيسير اندماج إيران في المنظومة العالمية. ودافعت حكومة العدالة والتنمية، من جانب واحد، عن مسعى إيران للحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية. وعملت تركيا بصورة وثيقة مع البرازيل ومجموعة 5+1؛ للوصول إلى اتفاق ينسجم مع هدف طهران المتمثل في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية، بيد أن هذه الموجة التدريجية من الألفة والتعاون بين أنقرة وطهران، تبددت مؤخراً في أعقاب امتداد الربيع العربي إلى سوريا، وكذلك الأحداث الأخيرة في العراق؛ ومن ثمّ، فإن هذه الورقة ترى أن الفتور الحالي في العلاقات التركية الإيرانية إنما يعود إلى استجابة كل من البلدين تجاه الربيع العربي على وجه الخصوص، وأسلوب توجهاتهما نحو الاستقرار والسلام المطلوبيْن بإلحاح في المنطقة. وترسم الدراسة الخطوط العريضة التي تنطلق منها كل دولة في استجابتها للتطورات الحاصلة لدى جيرانها. كما تسلط الضوء على الكيفية التي أدت بها التطورات الأخيرة بشأن البرنامج النووي الإيراني، والخطوات التي اتخذتها أنقرة للإسهام في الأمن الإقليمي، إلى تأجيج المنافسة الخفية بين هذين الطرفين الفاعلين بشأن مستقبل المنطقة. وتختم الورقة بعرض عدد من التنبؤات بشأن الاتجاه الذي ستسير فيه العلاقات بين البلدين وما سيكون لذلك من انعكاسات على الشرق الأوسط.

.

المحاضر

يَوم الإثنين 25 مارس 2013

-

يَوم الإثنين 25 مارس 2013

-