يَوم الإثنين 12 مايو 2008
-
ترجع الروابط بين الهند والخليج إلى قرون عدة؛ فكل جزء من أجزاء شبه الجزيرة العربية يشهد على هذه العلاقة الوثيقة التي بلغت من الشمولية، بحيث أصبحت تغطي كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية، سواء على المستويات: التجارية أو الفكرية أو الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية.
وقد أحدثت "الطفرة النفطية" أوائل السبعينيات من القرن العشرين، تحولاً نوعياً في هذه العلاقة. والآن، وفي الوقت الذي تخوض فيه دول الخليج معترك تطوير بناها الأساسية - ومن ذلك صناعاتها الهيدروكربونية - من خلال تنفيذ برامج ضخمة، فإن الهند مؤهلة للوفاء بحاجات تلك الدول من قوة العمل، من مهنيين وفنيين وأيدٍ عاملة. وبالفعل، فإننا نلاحظ - مع اتجاه الاقتصادات الخليجية نحو تطوير قطاع الخدمات لديها - أن عدداً أكبر من المهنيين الهنود قد بدأ يتوافد إلى الخليج.
لكن، مايزال هناك الكثير من التحديات؛ فقد أصبح عالم اليوم يتسم باتجاهين راسخين، ولكنهما - في الوقت ذاته - متناقضان. أما الاتجاه الأول، فهو الاتجاه نحو العولمة؛ حيث تتضاءل أهمية الحدود الوطنية في ظل حركة التقنية والأموال والمعلومات والكوادر. وعلى الجانب الآخر، هناك اتجاه يتناقض وهذا السيناريو القائم على عالم بلا حدود؛ أي الاتجاه الرافض للعولمة، والمنادي بأن تعمل الدول على ترسيخ هوياتها ومصالحها الخاصة. ويرتكز أهم متطلبات استمرار معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة في الهند على ركيزتين أساسيتين، هما: أمن الطاقة، وتطوير البنية الأساسية.
وتحتاج الهند إلى 500 مليار دولار من الموارد؛ لبلوغ أهداف محددة في مجال تطوير البنية الأساسية، بالإضافة إلى زيادة إنتاجها من الطاقة الكهربائية. وهنا تكمن الأسس الجديدة لتَواصُل الهند ومنطقة الخليج. تحقق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية "فوائض" اقتصادية هائلة. والأهم من ذلك، أن هذه الدول أصبحت تتطلع إلى ما هو أبعد من شركائها الاستثماريين التقليديين في الغرب. وبالفعل، فقد أصبحت سياسة "انظر شرقاً" تكتسب أهمية متزايدة لدى دول مجلس التعاون كافة. وبالنظر إلى ما لدى دول الخليج من احتياطات نفطية هائلة، وإلى القرب الجغرافي لدولنا، فإن الهند والخليج سيبقيان شريكين في قطاع الطاقة على المدى الطويل. أما التحدي الماثل أمامنا، فيكمن في القدرة على تحويل العلاقة الحالية بين الطرفين، وهي القائمة على البيع والشراء، إلى شيء أكثر عمقاً واستدامة، بحيث تشمل العلاقة بين الطرفين القطاعات الاقتصادية كافة، بدءاً بالطاقة وانتهاءً بالتعليم والصحة. أما ما يخص العراق، فإننا نتطلع إلى أن يتمكن شعبه من تقرير مستقبله السياسي بمحض إرادته، ومن التحكم في موارده الطبيعية. ونعتقد أن للأمم المتحدة دوراً مهماً في عملية إعادة البناء السياسي والبناء الاقتصادي في العراق. وعلى المجتمع الدولي - وخصوصاً دول الجوار العراقي والدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن - المساعدة على إيجاد حلٍّ سياسي لسلسلة العنف، والاقتتال الطائفي الدائرين في العراق.
إننا نعدُّ إيران شريكاً اقتصادياً رئيسياً، وخصوصاً إزاء ما يتعلق بأمن الطاقة، ولا شك أن إيران لاعب مهم على الصعيدين: الإقليمي والعالمي. ومن هنا، فإننا نرى ضرورةً حتمية في التواصل وإياها. وأما ما يتعلق بقضية البرنامج النووي، فإننا نؤمن بأن الطرف الأكثر فاعلية لتناول تلك المسألة، هو الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ لذلك، فإننا ندعم بقوة الحاجة إلى استمرار الحوار بين الوكالة المذكورة وإيران، على أن يتم ذلك في جو يخلو من تبادل الاتهامات وارتفاع الأصوات المنادية باستخدام العنف.
لقد اتبعت الهند - في السنوات الأخيرة - سياسة تقوم على التواصل الإيجابي و التواصل الموضوعي بينها وبين باكستان، كما تدارس الطرفان الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك. ونحن نرحب بعودة العملية الديمقراطية في باكستان، وإننا على ثقة بإمكانية مواصلة عملية التشاور والحوار بين الطرفين. ومع ذلك، فإننا لا نخفي قلقنا العميق بشأن مدى القوة التي بلغتها العناصر المتطرفة في باكستان؛ وهذا يشكل مصدرَ خطرٍ دائمٍ على دول الجوار.
يَوم الإثنين 12 مايو 2008
-
يَوم الإثنين 12 مايو 2008
-