الاستراتيجية اليابانية تجاه الشرق الأوسط بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر

الاستراتيجية اليابانية تجاه الشرق الأوسط بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر

  • 5 سبتمبر 2004

تستند هذه المحاضرة إلى غالبية الوثائق الرسمية الجديدة التي نشرتها الخارجية اليابانية على شبكة الإنترنت حول منطقة الشرق الأوسط منذ 11 أيلول/سبتمبر 2001 حتى الآن، كما تعتمد على اللقاء الخاص الذي أجراه المحاضر مع مساعد وزير خارجية اليابان، السيد تاناكا، في بيروت في 12 آب/أغسطس 2004، لمعرفة المزيد عن الاستراتيجية اليابانية تجاه هذه المنطقة في المرحلة الراهنة وتوجهاتها المستقبلية.

ويمكن إيجاز المحاضرة في خمسة محاور بارزة، هي:
1. دور السياسة الخارجية في التعبير عن المصالح العليا لليابان.
2. وقوف اليابان بحزم إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، ومساندتها لها ضد قوى الإرهاب العالمي والدول الداعمة له.
3. مشاركة اليابان في الحرب ضد العراق وإرسال "قوات سلام" إلى جانب قوات التحالف.
4. موقف اليابان من الصراع العربي-الإسرائيلي.
5. تبني اليابان لمبدأ حوار الثقافات أو الحضارات مع دول الشرق الأوسط.

وتبرز الوثائق اليابانية تبدلاً مهماً في الاستراتيجية اليابانية تجاه منطقة الشرق الأوسط. وتنطلق هذه الاستراتيجية من نظرة شمولية ترى أن لليابان مصلحة أكيدة في حل النزاعات بالطرق السلمية في هذه المنطقة الحيوية جداً بالنسبة إلى مصالحها العليا. فمن المعروف أن اليابان تستورد نحو 80% من حاجاتها النفطية من هذه المنطقة، ولديها استثمارات مالية كبيرة فيها، كما أنها تشكل مركزاً أساسياً لسلعها وأسواقها الخارجية. لكن الاستراتيجية اليابانية ماتزال أسيرة القرار الأمريكي لأسباب قديمة ومعروفة؛ وأهمها حاجة اليابان إلى المظلة العسكرية الأمريكية لحمايتها من مخاطر السلاح النووي في كوريا الشمالية، والتهديد الصيني المحتمل ضد اليابان.

وتتمحور الاستراتيجية اليابانية في التوجهات المستقبلية الآتية:
* إصرار اليابان على نزع أسلحة الدمار الشامل، ومنع انتشار أو تطوير الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة إيران، وفي دول جنوب وشرق آسيا وخاصة كوريا الشمالية.

* تقوم الاستراتيجية اليابانية تجاه منطقة الشرق الأوسط على تضامن اليابان التام مع الولايات المتحدة الأمريكية في جميع الظروف، لكنها تأمل في أن تتعرض السياسة الأمريكية لتغييرات جوهرية في هذه المنطقة بعد فشل مخططها العسكري في العراق، واضطرارها للعودة إلى الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي بإشرافها. وفي هذه الحالة، ستكون اليابان من أكثر دول العالم استفادة من ذلك التغيير بسبب قدراتها المالية للتوظيف الطويل الأمد من جهة، ولعدم مشاركتها في القتال العسكري ضد الشعب العراقي بعد أن حددت مهمة قواتها السلمية بتقديم المعونات الإنسانية. وهي تراهن على الحصول على مقعد دائم لها في مجلس الأمن بعد إدخال تغييرات جذرية على الهيكلية الحالية للأمم المتحدة.

* التخطيط لتعاون ثقافي وتقني مع الدول العربية والإسلامية في العهود القادمة.

* المشاركة في مؤتمرات الدول المانحة في أفغانستان والعراق، وتوظيف رؤوس أموال كبيرة في البلدين.

* إدانة العنف الدموي في الشرق الأوسط وجميع القائمين به، مع التمنع عن فرض عقوبات على إسرائيل عند التصويت على قرارات بهذا الشأن في الأمم المتحدة، منعاً لإغضاب الولايات المتحدة الأمريكية.

ختاماً، تحاول الدبلوماسية اليابانية تجاه منطقة الشرق الأوسط مسك العصا من الوسط؛ فهي تصر على إيجاد حلول سلمية للصراعات الدائرة في هذه المنطقة، لكنها لا تستطيع الخروج من تحت المظلة العسكرية الأمريكية في القريب العاجل. إنها دبلوماسية في خدمة المصالح العليا لليابان، وهي مصالح اقتصادية بالدرجة الأولى. كما أنها استراتيجية وسطية تنتظر تغييرات على المستوى العالمي لتلتحق بها، لكنها لن تغامر أبداً بتهديد المكتسبات الكبيرة والثروات الهائلة التي حققتها بفضل تحالفها الاستراتيجي الثابت والدائم مع الولايات المتحدة الأمريكية.

.

المحاضر

يَوم الأحَد 5 سبتمبر 2004

-

يَوم الأحَد 5 سبتمبر 2004

-