هانز بليكس يشيد بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في تنويع مصادر الطاقة
هانز بليكس يشيد بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في تنويع مصادر الطاقة في محاضرة ألقاها بمركز الإمارات
- 17 مارس 2015

استضاف مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية يوم الثلاثاء الموافق السابع عشر من مارس 2015، بمقره في أبوظبي، محاضرة بعنوان "أهمية الطاقة النووية لدول العالم"، ألقاها الدكتور هانز بليكس، الذي شغل سابقاً منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكان رئيس لجنة التفتيش على أسلحة الدمار الشامل العراقية، وذلك ضمن "سلسلة محاضرات المتحدثين المتميزين" التي تنظمها جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث.
وقال بليكس إن العالم يعتمد حالياً، بشكل كبير على الوقود الأحفوري، الذي يسهم بنسبة 80% من الطاقة المولَّدة عالمياً، بينما تسهم الطاقة النووية بنسبة 10%. وأشار إلى أنه لا بدَّ للدول من أن تدخل قطاع الطاقة النووية كأحد البدائل لتوليد الطاقة الكهربائية، كما هو حاصل في دول جنوب شرق آسيا؛ إذ إن التقدم الصناعي يتسارع في معظم دول العالم، وكذلك فإن الطاقة النووية ضروريَّة مع ظهور المؤشرات الاقتصادية والإحصائية إلى تزايد عدد السكان، والاستهلاك الكبير من الطاقة الكهربائية التي يولَّد معظمها باستخدام الغاز والوقود الأحفوري، المؤثر سلباً في البيئة وصحة الإنسان لما يطلقه من غازات مثل الكربون والميثان وغيرهما، وذلك إلى جانب محدودية مصادر الطاقة الأحفورية عالمياً.
وقال المحاضر إن إدخال الطاقة النووية وامتلاكها في أي دولة ليسا بالأمر السهل، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي؛ لما لذلك من ارتباط ببعد الأمن والأمان النووي. وفيما يتعلق بإيران، قال إنها الآن في إطار مفاوضات نووية مع الدول الكبرى للتوصل إلى استراتيجية نووية تضمن لها الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية، وليس للأغراض العسكرية؛ إذ سيراعَى عدم حصولها على نسبة عالية من التخصيب حتى لا تتمكن من إنتاج سلاح نووي.
وأضاف بليكس أنه، من خلال عمله سابقاً مديراً عاماً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لاحظ أن المفاعلات النووية القديمة لا تتعدَّى صلاحيتها 20 عاماً؛ كونها تفتقر إلى شروط السلامة ومعاييرها، التي تتوافر اليوم في مفاعلات الجيل الجديد التي بنيت على أسس متينة مع مراعاة السلامة والحفاظ على البيئة؛ فوفقاً لبليكس، قد يصل عمر المفاعلات الحديثة إلى 60 عاماً، وهي لا تمثل خطورة على الحياة أو البيئة؛ كونها تراعي أقصى درجات السلامة المهنية.
وفيما يتعلق بالطاقة النووية، أشار بليكس إلى أنها آمنة ونظيفة، وهذا هو ما جعل دولاً مثل دولة الإمارات العربية المتحدة تستخدمها في توليد الطاقة لخدمة طموحاتها المستقبلية من خلال رؤية تتمثل في تنويع مصادر الطاقة لتلبية الطلب المتزايد عليها.
وقال بليكس إن دولة الإمارات العربية المتحدة تأخذ على عاتقها تحدي توفير مصدر موثوق به للطاقة يغطي جزءاً كبيراً من حاجاتها بحلول عام 2020، وذلك في الوقت الذي حدَّدت الطاقة النووية خياراً استراتيجياً لا عودة عنه؛ في سبيل تنويع مصادر الطاقة، وتقليل الاعتماد على النفط، تلبيةً للطلب المتنامي على الكهرباء في الدولة.
وأكد بليكس أن عنصر السلامة يحظى بالأولوية القصوى، ويأتي في مقدِّمة التزام دولة الإمارات العربية المتحدة للشروط التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار بليكس إلى أن حادثة فوكوشيما في اليابان مثلت فرصة لتحسين متطلبات أمان المفاعلات النووية، والاستعداد والاستجابة للطوارئ والإشعاعات النووية؛ إذ أجريت مراجعات جوهرية على أنظمة السلامة، وتقدير المخاطر والتهديدات المحتملة.
وذكر أن العالم بات يشهد تطوُّراً سريعاً في التقنيات النووية، والحلول المبتكرة في مجال الأمان والتخلص من النفايات، ودورة الوقود المشع؛ ما يجعل منها داعماً رئيسياً لأمني الطاقة الوطني والعالمي، إذا ما جرت إدارة النفايات المشعَّة بنجاح عن طريق بناء منشآت التخزين، وتصريف المواد المشعَّة ذات الإشعاعين العالي والمتوسط، والتخلص من النفايات السامة بدفنها في أعماق كبيرة من الأرض.
وأضاف بليكس أن العديد من الدول الموقعة لمعاهدة حظر الانتشار النووي، مثل اليابان والبرازيل، تخصِّب اليورانيوم لأغراض سلمية، وأن كوريا الجنوبية لديها 20 محطة نووية، وتسعى إلى بناء المزيد، وأنه يوجد في العالم حالياً 430 مفاعلاً نووياً في 31 دولة تستخدَم لتوليد الطاقة الكهربائية.
وتحدث المحاضر عن الغاز الطبيعي بصفته أحد أهم مصادر الطاقة العالمية؛ إذ تضاعف الطلب العالمي عليه في السنوات الأخيرة؛ كون هذا المصدر يُعدُّ إحدى أهم دعائم الصناعة الحديثة، سواء البتروكيماوية أو غيرها.
وطالب بليكس دول العالم بالتصدِّي لظاهرة الاحتباس الحراري؛ قائلاً: لقد أصبحت مشكلة الاحتباس الحراري العالمي تحتل أهمية كبيرة اليوم، مطالباً بابتكار تقنيات علمية جديدة على نطاق واسع، كما أن تكثيف الاستثمارات في مجالات البحث والتنمية للطاقة المنخفضة الكربون، أو الطاقة الشمسية، أو غير ذلك من التقنيات العلمية الجديدة، من شأنه أن يجعل هذه المصادر أرخص كثيراً من الوقود الأحفوري في وقت أقل كثيراً.
وختم بليكس المحاضرة بقوله إن التعاون الدولي يمثل شرطاً أساسياً لنجاح الجهود الرامية إلى توفير مصادر طاقة آمنة ونظيفة وذات أسعار معقولة، مع الاتجاه نحو تقليل الاعتماد على الطاقة الكربونية، واستحداث تكنولوجيات جديدة أقل اعتماداً عليها، كما أن العالم ينظر اليوم إلى اقتصادات الدول على أنها قادرة على بذل الجهود للتحول نحو اقتصاد يقلل من اعتماده على الطاقة الكربونية، ويحقق الهدف المنشود، مع تأكيد أن هذا الاتجاه، بلا شك، يمثل آفاقاً جديدة.