محاضرة دور الإعلام في تعزيز رسالة المرأة تجاه حماية البيئة
محاضرة: دور الإعلام في تعزيز رسالة المرأة تجاه حماية البيئة
- 12 سبتمبر 2012

بات الإعلام؛ بوصفه سيف العصر وسمته، وانطلاقاً من أن المرأة هي أم المجتمع؛ يؤدي دوراً معززاً لدور الأسرة. كما أن دور المرأة يبقى هو الآخر مهماً واستراتيجياً في تعزيز قيم الأمان البيئي وداعماً للمحافظة على البيئة من الهدر والتلوث؛ ومن هنا، تأتي أهمية هذه المحاضرة، من ارتباط الإعلام بالمرأة، ومن تأثيراته في ثقافة المحافظة على البيئة لدى القطاعات النسائية؛ حيث تعرف البيئة بأنها مجموعة النظم الطبيعية والبيولوجية التي تحيط بالإنسان والكائنات الحية التي تسكن كوكب الأرض، وتمثل المرأة فيه نصف المجتمع، ويقع على عاتقها إنجاب أطفال وتربيتهم في بيئة سليمة؛ لئلا تتأثر صحة أفراد الأسرة بالعوامل البيئية المحيطة؛ فمن شأن ذلك تراجع معدلات إصابة النشء بالأمراض الصحية والنفسية. وعلاوة على ذلك، فإن للمرأة دوراً ريادياً في المجتمع؛ بوصفها الشريك الاستراتيجي للرجل في منظومة التطور والتنمية المستدامة؛ ومن هنا، تأتي هذه المحاضرة استجابة للدعوات الراهنة المركزة على دور الإعلام في دعم رسالة المرأة تجاه البيئة. وقد ارتأينا؛ تحقيقاً لأهداف المحاضرة، أن توضح مفهوم الإعلام البيئي الذي يضطلع بهذه المهمة، وإبراز العلاقة المتوازنة بين المرأة والبيئة...، والإجابة على الإشكال الذي يطرحه عنوان المحاضرة، حول طبيعة إسهام الإعلام بشتى فروعه في تعزيز رسالة المرأة تجاه البيئة.
وللاستفادة من التجارب العربية والمحلية والعالمية، ارتأينا الاستعانة ببعض هذه التجارب؛ لاستثمارها في تحقيق أهداف الدور الإعلامي. وقد ختمنا المحاضرة بجملة توصيات؛ لتكون خطة عمل ترسّخ أهمية الدور الإعلامي في تعزيز رسالة المرأة تجاه البيئة والتنمية المستدامة.
مفهوم الإعلام البيئي: إذا كنا نتحدث عن دور الإعلام في تعزيز رسالة المرأة تجاه البيئة... فعلينا أن ندرك تماماً أن المسؤول الأول عن هذه المهمة، هو الإعلام البيئي الذي يؤدي هذه الرسالة في تجرد وموضوعية وواقعية؛ فما الإعلام البيئي إذاً؟ الإعلام البيئي تعبير مركب من مفهومين عريضين؛ هما: الإعلام والبيئة؛ الأول، وهو الترجمة الموضوعية الأمينة للأخبار والحقائق وتزويد الناس بها بشكل يساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع، والثاني؛ أي البيئة، هو كل الظروف والعوامل التي تحيط بالإنسان، وتشكل الحصيلة الكاملة للعوامل الخارجية التي تؤثر في حياته، سواء كانت حية أو كانت جمادات.
إن الإعلام هو أحد المقومات الأساسية في المحافظة على البيئة...؛ حيث يرتبط إيجاد الوعي البيئي واكتساب المعرفة اللازمين لتغيير الاتجاهات والنيات نحو القضايا البيئية، بنمو المعلومات ونقلها، وباستعداد الجمهور بكل قطاعاته وخاصة النسائي منها؛ ليكون أداة في التوعية بنقل القيم الجديدة، والدعوة إلى التخلي عن السلوكيات الخاطئة.
وعلى الأجهزة القائمة أن تشدد على التنشئة والتربية والقضايا التوعوية، وأن تصمم برامجها بأساليب ومضامين وطرائق مختلفة، في التخاطب والاتصال حول المشكلات البيئية؛ تبعاً لأماكن وجود القطاعات النسائية وكيفية الوصول إليها، بحيث تغدو كل امرأة في المجتمع فاعلة وإيجابية ومتفاعلة.
إن الإعلام البيئي باختصار، هو استخدام كل وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية في توعية المواطنين، ومدهم بكل المعلومات والحقائق والآراء عن القضايا البيئية وأسبابها وأبعادها والحلول المقترحة لمعالجتها؛ لكي تساعدهم في بلورة رأي واعٍ سليم في هذه القضايا.
المرأة والبيئة علاقة متلازمة: تحتل مسألة المرأة والبيئة مكانة رئيسية، وبخاصة في وقت كثرت فيه الأصوات المنادية بضرورة العمل؛ من أجل حماية البيئة للتقليل من الأخطار الناجمة عن التدهور الحالي الذي يلعب فيه الإنسان دوراً كبيراً. وتأتي هذه الأهمية أيضاً، من التصاق المرأة الوثيق بتوعية الأجيال وتربيتها، ودورها في غرس المفاهيم البيئية الصحيحة في أبنائها منذ نعومة أظفارهم. وفي الدول المتقدمة - وكذا النامية - تلعب المرأة أدواراً محورية في تحديد اتجاهات العائلة في مسائل؛ مثل: استهلاك الماء والطاقة والمواد الاستهلاكية الحديثة التي قد تؤثر في البيئة. وهذا ما يعزز كون علاقة المرأة بالبيئة علاقة وثيقة ومتلازمة؛ ففي وسعها الإسهام بقوة في حماية بيئتها من التلوث؛ لأنها معنيّة بالمحافظة على صحة أسرتها وسلامتها؛ ويعني هذا في المحصلة، أنها تؤدي دوراً ذا وجهين، أولهما، زرع القيم البيئية لدى الأطفال وتعويدهم على الممارسات والسلوكيات التي من شأنها المحافظة على البيئة، والثاني، إيجاد قوة ضغط على المجتمع والمؤسسات التي تعنى بشؤون البيئة؛ لرسم سياسات واضحة للبيئة وللقوانين المعززة لذلك، والالتزام بتطبيقها بدقة.
كما ترى أن مشاركة المرأة في المحافظة على البيئة من أولى الضروريات لإيجاد تنمية متكاملة؛ فلا تنمية في بيئة ملوثة ولا تنمية من دون إسهام المرأة... وهذا يؤكد حقيقة جوهرية؛ فحواها أنه لا يمكن فصل القطاعات النسائية؛ بوصفها مجموعة معزولة عن الجماهير؛ لأن النساء يقمن بدور رئيسي في الإدارة البيئية، وفي تشجيع التنمية القابلة للاستمرار، وهو إسهام أساسي مسلّم به، ويستحق أن يلقى اهتماماً خاصاً على جميع مستويات العمل لحماية البيئة وطنياً أو إقليمياً أو عالمياً.
ومن هنا يمكنني أن أقول: إن المرأة أكثر اهتماماً بحالة الأرض وبمصير الأجيال المستقبلية من الرجال، فهي غالباً أول المتضررين من تدهور البيئة ومن التخلف، كما أنها أول من يطلب التغيير في أغلب الأحيان...
ومن الناحية العملية، هناك أدوار خاصة عدة يمكنها القيام بها؛ فالمرأة مربية بيئية مهمة، وهي بتعليمها أولادها أخلاقيا وسلوكياً، تستطيع أن تشجع على إجراء تغييرات في السلوك؛ تودي إلى زيادات ملحوظة في الأغذية والمياه واستهلاك الطاقة؛ ومن ثم فإن تعليمها ذو أهمية بالغة لتعزيز دورها ومشاركتها الفعّالة في الحماية البيئية وصون الموارد الطبيعية.
لقد كانت المرأة - وستظل - محوراً لتنمية المجتمع، وستكون استفادة العالم عظيمة، إن هي وظفت قدراتها على نحو أفضل لحماية البيئة وصون الموارد الطبيعية. إن الهدف من توضيح العلاقة المتلازمة بين المرأة والإطار البيئي، يكمن في التأكد من قوة هذه العلاقة ومتانتها؛ حتى يتسنى للإعلام القيام بدوره كاملاً. وبمعرفة مفردات هذه العلاقة، يمكن الإعلام أن يقوم بتعزيز دوره في دعم دور المرأة في حماية البيئة من خلال حزمة من الخطوات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة.