في ندوة افتراضية حول نتائج انتخابات 2020 وفوز جو بايدن.. فيها "الإمارات للدراسات" يناقش مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط

  • 19 يناير 2021

نظّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، مساء أمس "الإثنين"، ندوة حوارية افتراضية حول نتائج الانتخابات الأمريكية 2020 تحت عنوان: "الرئيس المنتخَب جو بايدن ومستقبل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط"، شارك فيها نخبة من المفكرين، والخبراء، والمتخصّصين، ناقشوا العديد من المحاور التي يُتوقع أن تشكل أبرز ملامح سياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام الأربعة المقبلة.

وتضمّنت الندوة، التي بثّها المركز عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي، ثلاث جلسات عمل، الأولى بعنوان: "قراءة في نتائج الانتخابات الأمريكية"، شارك فيها كل من الدكتور وليام غالتسون، رئيس كرسي عزرا زيلخا في دراسات الحوكمة، الخبير في مجال السياسات العامة، زميل أول في معهد بروكنغز، والدكتور البدر الشاطري، الأكاديمي الإماراتي، الأستاذ السابق في كلية الدفاع الوطني في دولة الإمارات.

وأكد الدكتور غالتسون، في مداخلته، أنه ونتيجةً لانتخابات عام 2020، فإن كتلتَي الوسط في الكونغرس الأمريكي تستحوذان على الأصوات الأهمّ في مجلسَي النواب والشيوخ على حدّ سواء، وهو ما يعني أنه إذا ما توصّلت هاتان الكتلتان إلى تشريعات توافقية، فإن من الممكن جدًّا أن يقبل الرئيس وزعماء الحزبين السياسيّين هذه التشريعات، وهو ما تجسّد في شهر ديسمبر الماضي، عندما وصل الأمر إلى حالة الانسداد السياسي فيما يتعلّق بالمعونات الإضافية للعاطلين عن العمل والشركات الصغيرة وغيرهما، ثم حُلّ بالعرض الذي تقدّمت به كتلة الوسط.

بدوره، قال الدكتور الشاطري إن الانتخابات الأمريكية لعام 2020 جرت في ظل مستوى عالٍ وغير مسبوق من التعبئة السياسية، وهو ما تؤكده نسبة المشاركة فيها التي تعدّ العُليا منذ أكثر من 100 عام، والتي كان الحزبان حريصَيْن بشدّة على الدعوة إلى المشاركة فيها، حيث فاقت الأرقام أعلى التوقعات، الأمر الذي يدلّ على زيادة الحَميَّة السياسية لدى الجانبين، ويعكس الانقسامات الشديدة في البلاد.

وأضاف أن المفاجأة الكبرى في الانتخابات الأمريكية لعام 2020 هي عدد الناخبين الذين أدلَوا بأصواتهم فيها، في حين أن الاتجاهات السكانية والجغرافية الأساسية تكرّست، ولم يطرأ عليها تغيير، لافتا النظر إلى أنه على الرغم من سيطرة الديمقراطيين الآن على الكونغرس، بمجلسَيْه الشيوخ والنواب، فإن حجم الأغلبية قد تقلّص.

وتحدّث في الجلسة الثانية من الندوة، تحت عنوان: "التحولات المحتمَلة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة وانعكاساتها في منطقة الشرق الأوسط"، كل من الدكتور عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية من دولة الإمارات، والدكتور عبدالمنعم سعيد علي، عضو مجلس الشيوخ المصري، رئيس مجلس إدارة دار "المصري اليوم" للنشر، والأستاذ وليام وشلر، مدير مركز رفيق الحريري وبرنامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي في واشنطن.

وتوقع الدكتور عبدالخالق عبدالله أن تعمل الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة بشكل متعاون مع دول الخليج العربية التي ستشعر بدورها بالطمأنينة، وبأنها أقوى في عملها مع الإدارة المقبلة، لافتًا النظر إلى أن دول الخليج أثبتت أنها قوة يُعتمد عليها، من خلال عملها بنجاح كبير مع نحو أربعة عشر رئيسًا أمريكيًّا على مدى الأعوام السبعين الماضية، متوقعًا تغييرًا في الأسلوب، وربما في لغة الخطاب الأمريكي، مع بقاء جوهر السياسة الأمريكية تجاه المنطقة على حاله.

ورأى الدكتور عبدالمنعم سعيد علي أن الرئيس المنتخب جو بايدن مختلف تمامًا عن ترامب، فهو رئيس مؤسّسي للغاية يمثّل في نواحٍ كثيرة تيّارًا في السياسة الخارجية الأمريكية، بدأ في الانسحاب من الشرق الأوسط، منذ الولاية الثانية لجورج بوش، موضحًا أن أولويات بايدن في الداخل هي تحدي فيروس كورونا، ووحدة الشعب الأمريكي، وفي الخارج التحالف الغربي، وإدارة المنافسة مع الصين، ثم تأتي بعدهما بقية الأمور في العالم، متضمّنًا الشرق الأوسط في أدنى مرتبة في قائمة الأولويات. وأكّد أن القضية الفلسطينية ستأخذ في ظل إدارة بايدن مكانتها في الوضع الاستراتيجي العام في الشرق الأوسط، وأن الرئيس المنتخب سيحاول إحراز تقدم أفضل في هذا الملف من خلال استئناف تقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية وحشد الموارد للوصول إلى مرحلة التفاوض على حلول التسوية.

في حين قال الأستاذ وليام وشلر إن هناك الكثير من القضايا التي ستتعامل معها إدارة بايدن في منطقة الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن التوجه العام لديها هو بذل جهود أقل في المنطقة، فإن هناك قضايا حيوية بينها وبين المملكة العربية السعودية، وقضايا حاسمة بينها وبين تركيا، إلى جانب توجُّهها المختلف كليًّا وجزئيًّا في التعامل مع الملف النووي الإيراني، داعيًا حكومات المنطقة إلى أن تقرر ما إذا كانت ستعمل على نحو بنَّاء مع إدارة بايدن في كثير من هذه القضايا، التي ستعالجها بطريقة مختلفة عن إدارة ترامب، أم لا، أو إن كانت ستحاول معارضة إدارة بايدن بقوة وبصورة مباشرة، أم لا، وهو ما سيحدد طبيعة العلاقات الأمريكية في المنطقة أكثر من أي شيء آخر.

وتحدث في الجلسة الثالثة، تحت عنوان "التهديدات الإقليمية والخطط الاستراتيجية لمواجهتها"، كل من اللواء (المتقاعد) عاموس يدلين، مدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والدكتور جون ألترمان، نائب الرئيس ومدير برامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة الأمريكية، والدكتور ستيفن كوك، مدير برنامج "زمالة العلاقات الخارجية" في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، والدكتور محمد بن هويدن، أستاذ العلاقات الدولية المشارك في برنامج العلوم السياسية في قسم الحكومة والمجتمع في جامعة الإمارات العربية المتحدة.

وقال الدكتور بن هويدن إن على الرئيس المنتخب "جو بايدن" في حال كان عازمًا على إعادة التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي، أن يأخذ في الحسبان مخاوف حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، والتأكد من أن أي اتفاق يتم التوصَّل إليه يُجبر إيران على وقف طموحاتها النووية لمدة طويلة جدًّا، بحيث تزيد على مدة الأعوام الخمسة عشر التي تم الاتفاق عليها في الاتفاق السابق، ويوقف انتشار الصواريخ الباليستية الإيرانية القادرة على تهديد استقرار المنطقة، ويُعالج الأنشطة التي تمارسها إيران، والتي تؤثر سلبًا في حلفاء الولايات المتحدة، مثل دعمها العنف، والجهات غير الحكومية الفاعلة في المنطقة، إلى جانب إشراك دول الخليج العربية في عملية التفاوض بشأن الاتفاق.

أما الدكتور جون ألترمان، فقال إن المنطق الذي ستلجأ إليه إدارة بايدن هو عدم السعي خلف الإيرانيين، وعدم محاولة إرضائهم، مع منحهم منفَذًا للدخول منه، في حال أبدَوْا مرونة في التعامل، ومنفَذًا آخر للدخول منه، في حال أبدَوْا تعنّتًا، متوقعًا ألا يشهد هذا الملف سوى قدر محدود من التقدم في الشهور الأولى، ليتم بعد ذلك تحقيق بعض التقدم، عقب الانتخابات الإيرانية.

ودعا حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، الذين لديهم مخاوف بشأن أي تقارب مع إيران، إلى عدم السماح لهذه المخاوف بأن تُدمِّر علاقاتهم مع الولايات المتحدة أو تزيد من صعوباتها؛ لأن إدارة "جو بايدن" تمنح الأولوية لجمع حلفائها في إجراء مناقشات أمنية إقليمية، وتعدّ وجود إيران في الاتفاقيات أفضل من استبعادها، الأمر الذي يعني أنه سيكون على إسرائيل ودول الخليج اتخاذ خيار جوهري للتعامل مع هذه المنهجية.

من جانبه، قال اللواء (المتقاعد) عاموس يدلين إن هناك اتجاهين في إدارة بايدن الجديدة بشأن التعامل مع الملف الإيراني، يرغب أحدهما في العودة على الفور إلى الالتزام بالاتفاقية القديمة، وهو ما تعتقد إسرائيل أنه سيكون خطًأ كبيرًا. ويرى الآخر أن الافتراضات التي استند إليها اتفاق 2015 أثبتت أنها ضعيفة للغاية، خلال السنوات القليلة الماضية.

وأضاف أنه إذا ما رغبت إدارة "جو بايدن" في الاتفاق مع إيران، فسيكون عليها بناء هذا الاتفاق على أساس مختلف عن الاتفاق السابق، من خلال التعامل مع جميع الثغرات المُحتمَلة، كتلك المتعلقة بعمليات التفتيش التي لم تكن متاحة في جميع الأماكن والأوقات، وبالأسلحة وبالجوانب العسكرية، خاصة أن الاتفاق سينتهي قريبًا، وأن إيران لا تثِق بأن المجتمع الدولي سيمنح برنامجها النووي الشرعية الكاملة.

بدوره، توقع الدكتور ستيفن كوك أن تكون مسألة العلاقات التركية-الأمريكية إحدى أكثر القضايا الشائكة التي ستتعامل معها إدارة بايدن، في ظل استمرار الخلاف بين الجانبين بشأن منظومة الدفاع الصاروخية من طراز "إس-400"، وهي المشكلة المحورية، بالإضافة إلى وجود الكثير من القضايا الخلافية بين واشنطن وأنقرة.

وقال إن الفترة المقبلة ستكون صعبة للغاية في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، في ظل عدم وجود أجواء مريحة ومستقرة بين بايدن وأردوغان، على عكس تلك التي كانت سائدةً بين الرئيس ترامب وأردوغان، أو بين أوباما وأردوغان، كما أنه من المتوقع ألا يبادر المحيطون بـ"بايدن" إلى اتخاذ أي خطوة إيجابية تجاه تركيا قبل أن تقوم بتغيير سلوكها في العديد من القضايا.

.

الفعاليات المقبلة

إصدارات